وكفى المصريين واللبنانيين شر الجدال، مقبول اعتذار وزير السياحة اللبنانى «أواديس كيدانيان»، وعفا الله عما سلف، ولا يجرمنكم شنآن قوم، ولا يجرنكم كائن من كان إلى طريق الشوك، وأن تغمزوا أو تلمزوا أو تمسسوا بلدنا الجميل لبنان أو شعبها الراقى بسوء.
الوزير لحاله كفى ما جرى له لبنانيا، الشباب اللبنانى سلقه بألسنة حداد، وكفانا على وسائل التواصل الاجتماعى شر الخلاف، لعنوه لعنة ستكلفه يقينا منصبه الوزارى مستقبلا، يستحيل ينتمى إلى الشعب اللبنانى المهذب مثل هذا الوزير أبو لسان طويل، أقول هذا عن عشرة عمر مع إخوة لبنانيين لم نرَ منهم إلا الرقى والأخلاق، اللبنانى كاليابانى يعتذر مقدما عما قد يستجد من سوء فهم أو سوء تقدير، اللبنانى عنوان من عناوين الأدب، بضاعتهم لسانهم الحلو، هو فيه أعذب من صوت فيروز، ولا أحب للقلوب من صوت وديع الصافى، ولا أرق من طلة ماجدة الرومى؟!
زيارة الوزير الاعتذارية إلى السفارة المصرية ببيروت تؤهلنا لقبول الاعتذار والصفح الكريم، كما أن حفاوة اللبنانيين شبابا وشيوخا بمصر والشعب المصرى ردا على الوزير الفالت تمرر غصة الحلق، نفروا ضد الوزير وتبرأوا من سقطته، ولوموه وحقروه وسلخوا وجهه، شاهدت فيديو لشاب لبنانى منحور على مصر ويكيل الإهانات للوزير حبا لمصر وللمصريين.
أقول قولى هذا بالخبرة السابقة فى دراسة مخطط فتن الشعوب العربية، هفوة أو زلة لسان تذهب سريعا إلى فتنة، وتنتهى بكارثة سياسية، وكم من هفوات شخصية تحولت إلى فتن سياسية دفعت ثمنها الشعوب العربية من علاقاتها الأبدية، شهدنا طرفا مأساويا منها فى علاقتنا مع الأشقاء قبل الغرباء، وكادت تنتهى بقطيعة لولا الحكماء والعقلاء على الجانبين.
الحمد لله لم يتورط مصرى فى شتم لبنان الوطن وشعبها المعتبر، ولم يمتشق مصرى حسابه الفيس بوكى فى حرب كلامية ضارية، محظوظ الوزير اللبنانى «كيدانيان»، سعة صدر المصريين تسع الكثير، وهذا الشعب الأبى الصابر يصبر على كثير، ولكن حذار فهذا شعب لحمه مر من مرارة العلقم، وقيل فى المأثورات الشعبية التى تسللت إلى الشاشة السينمائية فى فيلم «الكيف»، وعلى لسان طيب الذكر الراحل الفنان محمود عبدالعزيز «إحنا بالصلاة عالنبى حلوين قوى مع بعض/ لكن ساعة الغلط نطرطش زلط/ يعنى لحمنا جملى مكندز مانتاكلش/ وإن اتاكلنا عضمنا ركب ماننقرش/ وإن انقرشنا نشرخ فى الزور وماننبلعش»!
أعتقد الرسالة الصامتة وصلت قصر بعبدا «رئاسة الجمهورية اللبنانية»، وكان الأمر باعتذار الوزير فى السفارة المصرية «وهى أرض مصرية»، فضلا عن البيانات الدبلوماسية، الرئاسة والحكومة اللبنانية «تحت التشكيل» تحركت سريعا لمحو الإهانة التى وجهها وزير السياحة كيدانيان فى معرض حديثه عن الرواج السياحى فى مصر رغم ما تعانيه من متاعب اقتصادية، وكأنه ينعى فشله فى ترويج بلاده سياحيا.
لسنا فى معرض مقارنة والخطأ وارد، وللاعتذار مستوجب وحدث، فلنفضها سيرة يرحمكم الله، فوق العقل هذا الذى يجرى، فتنة كروية باتجاه تونس، وفتنة سياحية فى اتجاه لبنان، هذا كثير على مسيرة العلاقات المصرية/ العربية، هرمنا حتى عادت المياه إلى مجاريها الطبيعية بجهد رئاسى جهيد، وحركة دبلوماسية احترافية، لسنا فى رفاهية خسارة دولة أو شعب من شعوب تضع مصر فى حدقات عيونها، وتطرب لفرحنا، وتحزن لألمنا، معزة مصر تسكن قلوب الشعوب العربية إلا من كانوا إخوانا أو متأخونين.
خلاصته، من حبنا حبناه، صار متاعنا متاعه، ومن كرهنا كرهناه، يحرم علينا اجتماعه، ومن كرهنا فارقناه، وهذا فراق بيننا وهذا الوزير سليط اللسان، ولكن كله إلا لبنان، نمررها للبنان حبا، وللبنانيين عشقا، وللأحبة الذين تنادوا دفاعا عن مصر وشعبها حفازة، نجاملكم فى الأفراح والجبل صادح بموال العشق لأبو وديع.